قال صلى الله عليه وسلم:
(عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء فشكر فكان خيراً له)
وهذا حال المؤمن أمام النعم وأمام الابتلاءات، إن مرض حمد الله فأثيب وإن رُزق حمد الله فأثيب كذلك، وهذا أمر المؤمن الذي يتعجب منه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
إن القضاء الشرعي الديني والقضاء الكوني القدري في كل منهما للمؤمن خير، وهو إن امتثل للقضاء الشرعي الديني بامتثال الأوامر التي أمر بها والانتهاء عن النواهي التي نهي عنها فله في ذلك خير، وإن جهلنا الحكمة التي وراءه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً فجعل الفراش يقع فيها، وأنا آخذ بحجزكم أن تتساقطوا في النار)
لأننا لخفة عقولنا ولجهلنا بعواقب الأمور ومآلها كالفراش
فالفراش مشهور بالطيش وخفة العقل، يرى النار الموقدة يحسبها نوراً فيأتي إليها فيحترق، ونحن كذلك نرى الشهوات فإذا أقدمنا عليها وقعنا في جهنم والعياذ بالله!
ونبينا يأخذ بحجزنا ومنعنا كي لا نتساقط فيها، ونحن نجادل ونفر من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نقع في هذه النار ونحن لا نشعر، فنظرنا قاصر.
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
لما خلق الله الجنة قال لجبريل:
يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: والله يا رب، لا يسمع بها أحد من الخلق إلا دخلها أو عمل لها، ثم حفها بالمكاره، فقال لجبريل: يا جبريل!
فانظر إليها، فذهب ينظر إليها ثم رجع، فقال: يا رب، والله لا يسمع بها أحد -أي: بعد هذا- إلا فر منها، ولما خلق الله النار، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر، فقال: والله لا يا رب!
لا يسمع بها أحد إلا فر منها، ثم حفها بالشهوات، فقال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: والله يا رب - لقد خشيت أن يدخلوها جميعاً.
فالنار محفوفة بالشهوات، والنفس تواقة إلى هذه الشهوات فإذا امتثلنا أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم الذي به أمرنا نجونا
وكذلك إذا رضينا بقدر الله الذي قدره علينا
نكون قد سلمنا وغنمنا وارتفعت درجتنا، ولكن هذا وذاك كلاهما مقيد بطاعة الله ورسوله...